العسل دواء لكل داء

مرسلة بواسطة Unknown يوم الخميس، 25 أبريل 2013 0 التعليقات

55


هل عسل النحل ليس شفاء للمسلم ؟ عندي ابنة عم ، كلما شربت عسلاً ، أو تتذوق كمية صغيرة منه تصاب باضطراب بسبب ألم معوي ، لماذا ؟ مع أني سمعت أن الرسول صلى الله عليه و سلم قال إنه شفاء .


الحمد لله
امتنَّ الله تعالى على الخلق بنعَم جليلة ، في شرابها ، وغذائها ، ودوائها ، وسائر ما تحتاجه الخليقة لعمارة الكون ، ومن تلك النعم الجليلة " عسل النحل " ، وقد جمع الله تعالى فيه الشراب والغذاء والدواء ! .






قال ابن القيم رحمه الله : " وهو غذاء مع الأغذية ، ودواء مع الأدوية ، وشراب مع الأشربة ، وحلو مع الحلوى ، وطلاء مع الأطلية ، ومفرح مع المفرحات ، فما خُلق لنا شيء في معناه أفضل منه ، ولا مثله ، ولا قريباً منه " انتهى . " زاد المعاد " ( 4 / 34 ) .
وقد أخبرنا ربنا تعالى في محكم تنزيله أنه شفاء للناس ، قال تعالى : ( وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ . يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) النحل/ 68 ، 69 .
وقوله تعالى ( شفاء ) بالتنكير يدل على التبعيض ، وأنه شفاء لبعض الأدواء ، لا أنه شفاء لها كلها ، ولو كان العسل فيه الشفاء لكل الأمراض ما خلق الله دواء آخر غيره ! .






قال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - :
" وقوله : ( فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ ) أي : في العسل شفاء للناس من أدواء تعرض لهم .
قال بعض من تكلم على الطب النبوي : لو قال فيه : " الشفاء للناس " لكان دواء لكل داء ، ولكن قال ( فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ ) أي : يصلح لكل أحد من أدواء باردة ؛ فإنه حار ، والشيء يداوى بضده " انتهى . " تفسير ابن كثير " ( 4 / 582 ) .
وانظر تفصيلاً من الإمام الطبيب ابن القيم في فوائد العسل ومنافعه في جواب السؤال رقم : ( 9691 ) .
وبعض المرضى يتناول جرعة يسيرة من عسل ، ويظن أنه سيكون فيه الشفاء لمرضه ، بل لأمراضه ! وهذا بعيد من الشرع ، والواقع ، فقد يعتري هذه المعالجة أشياء تمنع من الشفاء بالعسل ، ومنه :
1. أن لا يكون المرض من الأدواء التي يكون العسل سبب شفائها .
2. أن تكون الكمية المتناولة قليلة ، والمرض يحتاج لما أكثر منها .
3. أو يكون العسل ليس طبيعيّاً .






4. أو يكون ذلك من باب الابتلاء ؛ ليُرى صبر المريض واحتسابه ، أو ليزداد الأجر والثواب له .
5. أن يكون في الجسم من الموانع ما يمنع من الاستفادة من هذا الدواء ، كحال المدخن ، أو الذي يشرب المسكرات .
فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه : ( أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : أَخِي يَشْتَكِي بَطْنَهُ فَقَالَ : ( اسْقِهِ عَسَلًا ) ، ثُمَّ أَتَى الثَّانِيَةَ ، فَقَالَ : ( اسْقِهِ عَسَلًا ) ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ : ( اسْقِهِ عَسَلًا ) ، ثُمَّ أَتَاهُ ، فَقَالَ : قَدْ فَعَلْتُ ، فَقَالَ : ( صَدَقَ اللَّهُ وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ اسْقِهِ عَسَلًا ) فَسَقَاهُ فَبَرَأَ ) رواه البخاري ( 5360 ) ومسلم ( 2217 ) .
( يشتكي بطنه ) ، أي : من ألمٍ أصابه بسبب إسهال حصل له .
( صدق الله ) يعني في قوله تعالى : ( يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس ) النحل/ 69 .






قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – : " معنى ( كذب بطنه ) أي : لم يصلح لقبول الشفاء ، بل زلَّ عنه ، وقد اعترض بعض الملاحدة ، فقال العسل مسهل فكيف يوصف لمن وقع به الإسهال ؟ والجواب : أن ذلك جهل من قائله ، بل هو كقوله تعالى ( بل كذَّبوا بما لم يحيطوا بعلمه ) ، فقد اتفق الأطباء على أن المرض الواحد يختلف علاجه باختلاف السنِّ ، والعادة ، والزمان ، والغذاء المألوف ، والتدبير ، وقوة الطبيعة ، ... .ولا شيء في ذلك مثل العسل ، لا سيما إن مزج بالماء الحار ، وإنما لم يفده في أول مرة : لأن الدواء يجب أن يكون له مقدار ، وكمية ، بحسب الداء ، إن قصُر عنه : لم يدفعه بالكلية ، وإن جاوزه أوهى القوة ، وأحدث ضرراً آخر ، فكأنه شرب منه أولاً مقداراً لا يفي بمقاومة الداء ، فأمره بمعاودة سقيه ، فلما تكررت الشربات بحسب مادة الداء : برأ بإذن الله تعالى .






وفي قوله صلى الله عليه وسلم ( وكذب بطن أخيك ) : إشارة إلى أن هذا الدواء نافع ، وأن بقاء الداء ليس لقصور الدواء في نفسه ، ولكن لكثرة المادة الفاسدة ، فمِن ثمَّ أمره بمعاودة شرب العسل لاستفراغها ، فكان كذلك ، وبرأ بإذن الله " انتهى . " فتح الباري " ( 10 / 169 , 170 ) .
ومثل ما أخبر الله تعالى به من وجود شفاء في العسل أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن في الحبة السوداء شفاء من كل داء ، وصيغة هذا الحديث فيها من التعميم ما ليس في آية النحل ، ومع ذلك فلا يُعرف من يقول أن عمومها على ظاهره ، وأنها نافعة لكل داء ، وهو الأمر نفسه الذي قيل في العسل .





قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - : " قال الخطابي : قوله : ( من كل داء ) : هو من العام الذي يراد به الخاص ؛ لأنه ليس في طبع شيء من النبات ما يجمع جميع الأمور التي تقابل الطبائع في معالجة الأدواء بمقابلها ، وإنما المراد أنها شفاء من كل داء يحدث من الرطوبة .
وقال أبو بكر بن العربي : العسل عند الأطباء أقرب إلى أن يكون دواء من كل داء من الحبة السوداء ، ومع ذلك فإن من الأمراض ما لو شرب صاحبه العسل لتأذى به ، فإن كان المراد بقوله في العسل "فيه شفاء للناس" الأكثر الأغلب ، فحمل " الحبة السوداء " على ذلك : أولى .





وقال غيره : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصف الدواء بحسب ما يشاهده من حال المريض ، فلعل قوله في " الحبة السوداء " وافق مرض مَن مزاجه بارد ، فيكون معنى قوله : ( شفاء من كل داء ) أي : من هذا الجنس الذي وقع القول فيه ، والتخصيص بالحيثية كثير شائع ، والله أعلم " انتهى . " فتح الباري " ( 10 / 145 ) .
وعليه : فننصح بمراجعة طبيبة مختصة ؛ لتشخص مرض ابنة عمكِ ، ولترى إن كان يناسبها العلاج بالعسل أم لا ، ولتحدد لك كيفية وكمية تناوله .




وقد بينا في جواب السؤال رقم : (20176) بعض الأدعية والأدوية لمن يشتكي من ألم في بدنه ، فلينظر .

0 التعليقات:

إرسال تعليق